الأربعاء، 9 مارس 2022

19 ديسمبر .. طلاب المدارس الثانوية يطلقون شرارة الثورة السودانية في بورتسودان



بورتسودان – عبدالهادي الحاج


صبيحة التاسع عشر من ديسمبر 2018، أدرك طلاب مدرسة التدريب المهني ببورتسودان، استحالة تقبل الارتفاع الكبير في سعر قطعة الخبز الواحدة التي بلغت ذلك اليوم 3 جنيهات، فقرروا الإحتجاج والتظاهر.

من سوق (هدل) القريب من المدرسة انطلقت الشرارة بالتزامن مع موعد تناول وجبة الإفطار، والتي سرعان ما انتقلت إلى مدرسة عبدالله احمد ناجي الثانوية بـ (سلالاب)، حيث خرج طلابها وتعالى هتافهم في شارع المدارس شاقاً مربعات الحي ودافعاً طلاب المدارس الأخرى للخروج والالتحام بموكبهم.

لم تكن براكين الثورة تحتاج لوقت طويل حتى تصل لمدارس القطاع الجنوبي باحياء كوريا وديم سواكن، ثم تنجح في إلغاء برنامج الزيارة التي رتب لها الرئيس المخلوع لبورتسودان في ذلك اليوم، وتدفعه مُجبراً للعودة إلى الخرطوم، بعد ان اكتفى بحضور فعالية خاطفة للجيش بمنطقة عروس العسكرية شمالي المدينة.

بعد مرور عام من ذلك اليوم الذي عبرت بعده البلاد لمرحلة جديدة في تاريخها، يستعيد الطلاب وأساتذتهم في بهو مدرسة التدريب المهني بحي الثورة، تلك اللحظات التي قرروا فيها مغالبة حالة الصمت على سوء الحال، وحكي بعضهم لـ (الحداثة)، عن حالة الغضب الجماعية التي اعترتهم عندما علموا انه لم يعد بمقدورهم تناول وجبة الإفطار بسبب الزيادة العالية في سعر الخبز، لكنهم كما ذكروا لم يدر بخلدهم أنهم كانوا يدونون فصلاً جديداً في كتاب ثورة ديسمبر، ويساهمون في إيقاد شعلتها التي كبرت فاصبحت لهيباً تمدّد في كل انحاء السودان.

وفي الجانب الآخر يحكي مدير مدرسة عبدالله احمد ناجي الثانوية عبد الرحيم فرح، عن عزم طلابه على إنهاء حقبة كالحة من تاريخ بلادهم، ويقول: "خرجوا غاضبين من المدرسة أغلقوا الطريق ووضعوا عليه الحجارة، كانوا يدركون أن الأوضاع الإقتصادية قد بلغت مبلغاً من سوء الحال".

يعود فرح ويتذكر: "بعد طابور الصباح علمت من الشخص المسؤول عن كافتيريا المدرسة، أن الخبز المتوفر لديهم لا يتجاوز 80 قطعة، وهي بالطبع لا تكفي حاجة مدرسة يدرس بها 500 طالب، وعندما اتصلت بإدارة التعليم و أبلغتهم بهذا الوضع السئ، وعدوني بحل الأمر لكن لم يفوا بوعدهم".

عند حلول موعد الإفطار خرج الطلاب من الفصول إلى الشارع، ولم يكن بإمكان المدير منعهم، أو إجبارهم على البقاء في المدرسة التي باتت خالية من قطعة خبز واحدة، ويضيف: لـ (الحداثة)، "توجهوا صوب المخابز القريبة من المدرسة، ثم واصلوا سيرهم حتى سوق (المنقبة)، وفي تلك اللحظات كان طلاب مدارس الأساس الشرقية والغربية قد التحقوا بهم، و تجمهروا في موكب ضخم وصل حتى (السوق الشعبي) لتبدأ بعد ذلك القوات الأمنية في الإنتشار واعتقال عدد منهم".

وفي الذكرى الأولى لثورة ديسمبر التي تتزامن مع ذلك اليوم، بدأ فرح مزهواً بطلابه، وقال "خروج طلاب مدرسة عبدالله ناجي، يوم 19 ديسمبر، يمثل قلادة شرف بالنسبة لنا".

يقول الصحفي والناشط السياسي أمين سنادة، أبرز ما نتج عن الإحتجاجات التي شهدتها بورتسودان في التاسع عشر من ديسمبر، هو إلغاء زيارة الرئيس المخلوع للمدينة في ذلك اليوم، واكتفاءه بمخاطبة قوات عسكرية في قاعدة عروس شمال بورتسودان.

ويضيف: لـ (الحداثة)، "كذلك شهدت بورتسودان في ذلك اليوم اعتقال أكثر من 52 شخصاً، وهو عدد كبير لم تشهده المدينة من قبل".

يشير سنادة إلى أن الإحتجاجات التي عمت بورتسودان في ذلك اليوم، جاءت كنتاج لتراكم حراك ثوري متصاعد شهدته منذ بداية العام تمثل في إضراب عمال الشحن والتفريغ بالميناء مطلع شهر مايو وتظاهرات المياه خلال يونيو.

ويتابع: "لاحقاً شهدت بورتسودان اضخم موكب في تاريخ المدينة في الثالث من يناير، وكذلك موكب 24 يناير الذي حدثت فيه اشتباكات بين منسوبي القوات المسلحة وجهاز الأمن".

ويعتقد سنادة إن أكثر من كان يميز حراك بورتسودان هو المشاركة الكبيرة للنساء، والتي استمرت حتى ما بعد سقوط البشير، ويضيف: "في السابق كانت مشاركة النساء تقتصر على الطالبات فقط، لكننا شهدنا مشاركة قوية من كل الفئات النسائية".

من أرشيف صحيفة الحداثة السودانية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق